هل تفلح مساعي القاهرة في إنهاء "حرب الجنرالين" بالسودان؟

 توقع محللون سودانيون أن تفلح القاهرة في جمع قادة طرفي الصراع العسكري السوداني، ما قد يفتح الباب نحو وقف الحرب التي تعصف بالبلاد لما يقرب من عام.

وكان رئيس تحالف تنسيقية القوى الديمقراطية السودانية، عبد الله حمدوك، كشف عن مناقشته مع السلطات المصرية مقترح استضافة القاهرة للقاء مشترك بين قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي".

وجاء اقتراح حمدوك خلال زيارة أجراها إلى العاصمة المصرية القاهرة، انتهت، الأحد الماضي، إذ عقد خلالها لقاءات مع المسؤولين المصريين بشأن وقف الحرب في السودان.

وأعلن حمدوك وقتها توصله لتفاهمات مع الحكومة المصرية بشأن السلام في السودان، ولمس حرصًا مصريًا على إيقاف الحرب السودانية، واصفًا الزيارة بـ"المفتاحية"، لا سيما في ظل تطابق وجهات النظر بشأن وقف الحرب عبر الحلول السياسية.

وقال إنه "متفائل بنهاية وشيكة للحرب"، وإن "قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بوقف القتال خلال شهر رمضان، يعد إشارة قوية على عدم رضا المجتمع الدولي عن استمرار الصراع في السودان".

الأجواء محتقنة

ويرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي شوقي عبدالعظيم، أن القاهرة لن تمانع في جمع طرفي الصراع السوداني، لأن نجاحها بذلك يعطيها قوة دفع كبيرة تمكنها من حل الأزمة السودانية.

 

وقال عبدالعظيم ان مصر سيكون دورها فاعلًا في الوساطة لحل الأزمة السودانية، بيد أن الأجواء ما زالت محتقنة في السودان، ولم تتهيأ بعد لجلوس الأطراف على طاولة التفاوض".

وأوضح شوقي أن "كل من طرفي الصراع العسكري يعتقد أنه قادر على حسم المعركة عسكريًا لصالحه، خاصة الجيش الذي حقق بعض التقدم في أمدرمان، قد يرى أنه من الضروري الاستمرار في الحرب".

وأشار شوقي إلى أن العامل الأبرز في عرقلة مساعي الحل السلمي للصراع السوداني هو انخراط جماعة الحركة الإسلامية، وحزب المؤتمر الوطني المنحل في الحرب، موضحًا أن الحركة الإسلامية تصر على استمرار الحرب حتى تتغير جميع المعادلات لصالحها.

وأضاف أن "رؤية الاسلاميين الإستراتيجية هي الاستمرار في الحرب حتى يعودوا إلى السلطة وإعادة مشروعهم السياسي، خاصة أن لديهم، الآن، حليفًا وهو إيران التي منحتهم مساعدات عسكرية وتنتظر تفوقهم العسكري".

وذكر أن ذلك يجعل الأجواء غير مواتية لنجاح لقاء "البرهان وحميدتي" لجهة أن لقاءهما يعني عمليًا إنهاء الحرب، وهزيمة كل السرديات الداعمة لاستمرار الحرب، مؤكدًا أن هنالك قوة ما زالت تسيطر على قرار الجيش، تعمل بجد على ألا يتم اللقاء بين "البرهان وحميدتي".

يشار إلى أن لقاء البرهان وحميدتي، كان مقترحًا قديمًا طرحته منظمة "إيقاد" الأفريقية، وكان محددًا له، تاريخ 28 ديسمبر الماضي، في دولة جيبوتي، لكنه تعرقل قبل أن تنهار لاحقًا جهود وساطة "إيقاد" في حل الأزمة السودانية، نتيجة رفض البرهان وتجميده عضوية السودان في المنظمة الأفريقية.

كروت ضغط

من جهته يقول المحلل السياسي علاء الدين بابكر، إن القاهرة، الآن، مؤهلة لعقد اللقاء بين البرهان وحميدتي، لأنها تمتلك كروت ضغط على قادة الجيش السوداني، كما أن قوات الدعم السريع أبدت استعدادها للتعامل مع مصر وقبول وساطتها لحل الأزمة السودانية.

وأكد بابكر أن الطريق لوقف الحرب في السودان يكمن في تسريع عقد اللقاء بين "البرهان وحميدتي"، لأن المشكلة أصبحت كأنها شخصية بينهما أكثر من كونها حول قضية، موضحًا أن الصراع بات واضحًا أنه صراع نفوذ ومصالح بينما الشعارات المرفوعة من الطرفين زائفة.

وأوضح أن الأجواء أصبحت مهيأة لعقد اللقاء بين الجنرالين، لأن الطرفين وصلا إلى نتيجة استحالة حسم المعركة عسكريًا، لكنه حذّر من نفوذ جماعة الحركة الإسلامية وسط الجيش السوداني، مؤكدًا أنها ستعرقل إكمال اللقاء.

وذكر بابكر أن سيطرة الإسلاميين على قرار الجيش قد تدفع تجاه استمرار الحرب لأن إيقافها ليس في مصلحتهم، وزاد "هم سيدفعون في اتجاه استمرارها أو إيقافها بشرط أن يكونوا جزءًا من المعادلة السياسية والسلطة".

وتتهم القوى السياسية في السودان أنصار نظام الرئيس السابق عمر البشير بعرقلة جهود الوساطات الإقليمة لحل الأزمة السودانية، لرفضهم الخروج من السلطة.

وقال المتحدث باسم تحالف تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية علاء الدين  إن أنصار نظام البشير سلبوا قرار الجيش، وعرقلوا منبر جدة لمفاوضات السلام، الذي نص في آخر جولاته على إجراءات لبناء الثقة، وعلى رأسها القبض على الفارين من السجون من قيادات النظام السابق، موضحًا أن قيادة الجيش لم تنفذ ما التزمت به في الاتفاق بعدما طلبت مهلة 14 يومًا لإعادة قيادات نظام البشير إلى السجن.

وأشار إلى أنه عقب انهيار مفاوضات جدة، زار قائد الجيش السوداني ومساعده الفريق إبراهيم جابر، دول منظمة "إيقاد"، وطلبا إدراج السودان على أجندة المنظمة الأفريقية، قبل أن يعود البرهان بضغط من أنصار نظام البشير الذين يسيطرون على وزارة الخارجية السودانية، ويقاطع قمة "إيقاد" الأخيرة في مدينة "عنتبي" الأوغندية، ثم تجميد عضوية السودان في المنظمة الأفريقية، ما أدى إلى تعثر جهود "إيقاد" لوقف الحرب في البلاد، وفق قوله.

وكانت المفاوضات بين طرفي الحرب في السودان قد توقفت، في ديسمبر الماضي، بعد أن انسحب الجيش السوداني من منبر جدة السعودية.

إضافة تعليق جديد

أربعاء, 13/03/2024 - 17:45