يحمل قرار الرئيس التونسي قيس سعيد تمديد العمل بالإجراءات الاستثنائية التي أقرها قبل شهر، حتى إشعار آخر، دلالات سياسية ودستورية خاصة بشأن العلاقة بين البرلمان والدستور، إضافة للفرضية المطروحة بشدة حول الذهاب لانتخابات مبكرة، بحسب محللين.
وأصدر سعيد في وقت مبكر، من يوم الثلاثاء، أمرا رئاسيا يقضي بتمديد الإجراءات الاستثنائية المتخذة بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 80 لسنة 2021، المتعلق بتعليق اختصاصات مجلس النواب وبرفع الحصانة البرلمانية عن كل أعضائه، وذلك حتى إشعار آخر.
ورأى متابعون للشأن السياسي، أن ترك باب التمديد مفتوحا وعدم ربطه بآجال زمنية، يتيح للرئيس التونسي هامشا كبيرا من التحرك ومواصلة الإجراءات التي تلت تفعيل الفصل 80 من الدستور وتعليق عمل البرلمان، لا سيما فتح ملفات الفساد.
وبشأن عدم تحديد مدة تأجيل الإجراءات الاستثنائية، قال الباحث في العلوم السياسية محمد أمين العاقل، إن ”الفصل 80 من الدستور، الذي استند إليه سعيد في اتخاذ التدابير الاستثنائية يوم 25 تموز/ يوليو الماضي، لا يتضمن آجالا زمنية للتمديد، ويعهد بهذه المهمة للمحكمة الدستورية، وهي غير قائمة الآن“.
حل البرلمان
وأضاف العاقل لـ“إرم نيوز“، أنه ”في غياب المحكمة الدستورية يبقى لرئيس الجمهورية السلطة التقديرية باتخاذ قرار التمديد من عدمه، وفي تحديد المدة الزمنية التي يشملها التمديد أو عدم ربطها بآجال زمنية محددة؛ ما يعني أن المبادرة لا تزال بيد رئيس الجمهورية إلى حين تركيز محكمة دستورية“.
وأوضح أن ”إحداث المحكمة الدستورية يتطلب برلمانا يصادق على ثلث تركيبتها، ما يعني أن النية قد تتجه مستقبلا لإعلان حل البرلمان الحالي المنتهي سياسيا، والذهاب إلى انتخابات تشريعية مبكرة“.
أما المحلل السياسي محمد العلاني، فقد اعتبر أن ”ما ذهب إليه الرئيس يتطابق تماما مع الإرادة الشعبية التي دعت منذ خروج مظاهرات 25 يوليو الماضي، إلى حل البرلمان وإسقاط منظومة الحكم الحالي برمتها ومحاربة الفساد، لكنه يثير في المقابل قلق الطبقة السياسية لا سيما حركة النهضة التي تتطلع إلى إعادة العمل البرلماني“.
وقال العلاني لـ“إرم نيوز“ إنه ”بهذا التوجه يكون سعيد قد اختار مواصلة خيار الانتصار لإرادة الشعب وبدء طريق الإصلاح السياسي والدستوري من خلال تجميد عمل البرلمان باعتباره عائقا للمسار السياسي وسببا بالأزمة الحادة التي تعيشها البلاد، خصوصا على امتداد السنتين الماضيتين“.
وأشار إلى أن ”قرار سعيد أنهى البرلمان سياسيا في انتظار إجراء قانوني ينهي هذه الدورة النيابية بصفة رسمية، ويتقرر معها الدعوة إلى انتخابات مبكرة“.
قرار منتظر
بدوره، قال المحلل السياسي محمد صالح العبيدي، إن ”قرار تمديد العمل بالإجراءات الاستثنائية كان منتظرا؛ لأن الأسباب التي دعت سعيد إلى اتخاذ قرار تعليق عمل البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه لا تزال قائمة“.
وأضاف العبيدي لـ“إرم نيوز“، أن ”المسار لا يزال طويلا، لذلك لم يحدد سعيد آجالا محددة لاستكمال العمل بهذه الإجراءات لا سيما وقد بدأ خوض الحرب على الفساد، وهناك ملفات ثقيلة تتطلب معالجتها وقتا، ولا سبيل للتراجع عن خوض هذه الحرب“.
وأشار العبيدي إلى أن ”بيان رئاسة الجمهورية لم يتحدث عن الفصل 80 من الدستور وإنما عن أمر رئاسي عدد 80، ما يشير إلى أن هناك نية في الفصل بين الدستور والأوامر الرئاسية أو ربما تعليق العمل بالدستور إلى حين عرض تعديله على الاستفتاء الشعبي بالتوازي مع الذهاب نحو انتخابات مبكرة؛ ما يعني أن المرحلة المقبلة ستكون مليئة بالتطورات على ضوء هذه القراءة“.
رؤية غير واضحة
في المقابل، اعتبرت أستاذة القانون الدستوري منى كريم، في تصريحات صحفية، أن ”قرار التمديد إلى إشعار آخر يعكس عدم وضوح الرؤية وعدم وجود خارطة طريق جاهزة“.
وتساءلت كريم بالقول: ”هل سيتم حل البرلمان أم لا ؟ وهل سيتم إقرار تنظيم مؤقت للسلطات أو الإعلان عن حكومة ؟ وهل سيتم تعليق العمل نهائيا بالدستور وتعديله ؟ نريد معرفة أين نحن متوجهون“.
إضافة تعليق جديد