رغم تعقيد الأزمة في مالي وتعدد المتدخلين فيها، يعتقد الإعلامي المتخصص في الشؤون الإفريقية سيدينا ولد الحضرامي أن موريتانيا تملك العديد من الأوراق التي تجعلها مؤهلة أكثر من غيرها لحل الأزمة في جارتها وذلك لمجموعة من الاعتبارات.
و تطرق ولد الحضرامي إلى عدة عوامل تجعل موريتانيا أكثر قدرة دون غيره على حل الأزمة في دولة مالي التي تعيش على إيقاع الانقلابات والتوتر الأمني الكارثي.
وترتبط موريتانيا ومالي بحدود برية يصل طولها إلى 2237 كيلومترا معظمها مناطق خلوية وعرة المسالك، وتنشط على حدود البلدين تنظيمات مسلحة عدة توصف بالارهابيين.
وتحدث المتخصص عن تأزم الوضع في مالي في الآونة الأخيرة، خاصة بعد اشتداد القتال بين سلطة العسكرية ومقاتلي أزواد المطالبين بالانفصال بالتزامن مع هجمات ينفذها تنظيمي القاعدة وداعش من حين لآخر ضد الجيش.
وعلى خلاف بدايات هذا الصراع عام 2012، وباستثناء قوات فاغنر الروسية، تخلت كل الدول عن الجيش المالي الذي وجد نفسه وحيدا ومحاصرا يقاتل على أكثر من جبهة، ما صعب حل الأزمة، حسب ولد الحضرامي.
لذلك، يبرز المتخصص أنه ورغم صعوبة الوضع، يمكن لموريتانيا أن تلعب دورا محوريا وأساسيا في إنهاء هذا الصراع استنادا إلى عوامل مختلفة.
ويوضح أن "موريتانيا دولة مستقرة قوية وقد أكسبها حيادها التاريخي في النزاعات الإقليمية علاقات خارجية إيجابية بشكل عام حيث تتمتع موريتانيا بالقدرة على التحدث إلى جميع أطراف الصراع في شمال مالي بما فيها الجماعات المسلحة غير الإرهابية، والإرهابيين، والقوات المتحالفة مع الحكومة. وهذا يوفر مزايا مميز.
إلى جانب ذلك، يضيف ولد الحضرامي أن وساطة موريتانيا في مالي ستعود عليها بالنفع أيضا، على اعتبار أنها مهددة بتداعيات الصراع.
وأضاف"لقد أدى الصراع في مالي إلى توترات في حدودها الشرقية. حيث هرب أكثر من 55000 مالي إلى موريتانيا العام الماضي، بسبب الحرب
كما اتهمت موريتانيا القوات المسلحة المالية وفاغنر بعبور الحدود الشرقية وقتل مواطنين موريتانيين أبرياء.
ويعتقد الإعلامي أن رئاسة موريتانيا للاتحاد الإفريقي في الفترة الراهنة، عامل مهم أيضا لإنجاح تدخلها لحل الصراع، "مما يجعل التوقيت مثاليا للدفع نحو السلام الإقليمي
وتحدث الإعلامي عن تصوره لهذه الوساطة، مقترحة أن تبدأ موريتانيا بعقد لقاءات مع زعماء الجماعات المقاتلة في مالي، ويعتقد أن العلاقات التاريخية والثقافية التي تربط الأزواد والموريتانيين من العوامل المسهلة لذلك.
ويشير الإعلامي ان نجاح الوساطة حاليا ممكن وذلك نتيجة لعوامل عدة أبرزها فشل مرتزقة فاغنر في القضاء على الجماعات المسلحة التي احبطت آمال الانقلابيين.
ويرى ولد الحضرامي ان الحكام العسكريين باتو يدركون بأن تكلفة ميزانية الحرب و إرهاق جنودهم تحتم على الانقلابيين إعادة النظر في مخاطر استنزاف مواردهم على مدى السنين القادمة . وأكد ولد الحضرامي ان العسكريين أصبحوا متيقنين أن الحل ليس بالسلاح وان أي دولة تبنت فكرة الوساطة في مالي ستلاقى بالترحيب الكبير من قبل باماكو.
وفي الختام، يقترح الإعلامي بأن تعلن موريتانيا وساطتها قريبا لحل الصراع وأن تشرع في تنظيم مشاورات بقيادة الرئيس السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بصفته رئيسا للاتحاد الإفريقي مع أطراف الأزمة وأن تسعى لطلب الدعم من المجتمع الدولي لإنجاح هذه المحادثات.
إضافة تعليق جديد